لا إِله إلا انت سبحانك ربى اني كنت من الظالمين - حسبى الله لا اله الا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم - رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا ومحمد عليه افضل الصلاة والسلام نبيا - لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم - يارب لك الحمد كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك - اللهم صلى وسلم وبارك على سيدنا ونبينا محمد عليه افضل الصلاة والسلام - سبحان الله والحمد لله ولا اله الا الله والله اكبر - حسبنا الله ونعم الوكيل -استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم

إذا تعذر ظهور المدونة الرجاء تحميل هذا المتصفح السريع

الخميس، 19 مايو 2011

دعوة إلى اقتصاد الثورة


في ظل انشغال وسائل الإعلام بتداعيات الفتنة الطائفية في إمبابة وباعتصام ماسبيرو ومطالبه الطائفية وبالأحوال الشخصية لأفراد الأسرة الحاكمة سابقاً، أرجو ألا يشغلنا ذلك عن متابعة أحوال اقتصاد مصر ما بعد الثورة، لأنها معيار أساسي في ضمان نجاح المرحلة التالية وبالتالي ضمان استمرار تأييد الجماهير لها، ولتحقيق المقومات الأساسية للمجتمع المصري ليعود رائداً كما كان.


وفي صدد الحديث عن اقتصاد ما بعد الثورة يمكننا ذكر بعضاً من النقاط والأفكار التي نستطيع بها ومع غيرها التخلص من اقتصاد فساد ما قبل الثورة وصولاً إلى اقتصاد حر يصون العدالة الاجتماعية، ويبلغ بالمجتمع نهضته المنشودة.

* فلابد أولا من إعادة النظر في الموازنة العامة للدولة التي تحتاج لحوار موسع من الخبراء والمتخصصين في مجالات المالية العامة والمحاسبة والاقتصاد بشكل عاجل؛ وذلك للحيلولة دون إعلان موازنة العام المقبل– وهي تعد حالياً - بنفس الأسس التي كانت عليها أيام النظام المخلوع.


* نحن في حاجة إلى إعادة النظر إلى الصناديق الخاصة التي لا تدخل ميزانية الدولة على الرغم من أن قيمتها تتعدى تريليون وربع تريليون جنيه (للتذكير فإن التريليون ألف مليار، والمليار ألف مليون)، أي أن أموال هذه الصناديق التي لا نعلم عنها شيئاً تبلغ 5 أضعاف الإيرادات العامة للدولة (البترول – قناة السويس – الشركات والمصانع – الجمارك والضرائب) و 4 مرات ضعف النفقات العامة للدولة (الصحة والتعليم والمياه والصرف والرصف والطرق).


* ولابد من إعادة النظر في الجهاز الإداري بالدولة وتطوير كفاءته لأنه عبأ اقتصادي على البلد تكلفها ربع ميزانيتها العامة (94.6 مليارا من أصل 394.5 مليار جنيه ) ولأن هذه الطاقة تتلقى رواتب قليلة وتعطي إنتاجاً أقل أي دون مردود يناسب تكلفته في الموازنة. فهناك موظف حكومي واحد لكل 12 مواطن في مصر، وهي نسبة عالية تكاد تبلغ عشر أضعافها في دولة مثل تركيا، ولا تتناسب مع دولة مدينة وفي مرحلة أوضاع اقتصادية صعبة بعد الثورة على الفساد وتحتاج لإعادة بناء اقتصادها. لابد من تفعيل هذه الطاقة البشرية المهدرة بما يعود بالإيجاب على الموازنة العامة للدولة.


* نحن في حاجة إلى نسف النظام الضريبي الذي يأخذ الضرائب من الفقراء مثل ضرائب المبيعات والجمارك التي هي على كل السلع بغض النظر عن دخل المستهلك، ولا يأخذها من الأغنياء في مشروعاتهم التي تتحلى بإعفاء ضريبي يتم تجديده بسهولة.


* وكما يتم حالياً التحقيق في نهب أراضي مصر، ينبغي التحقيق في مهزلة بيع القطاع العام الذي يورد للموازنة العامة للدولة أكثر من 4.3 مليارات سنوياً بإدارة غير سليمة، وتم بيعه بشكل مشبوه؛ وصفقة عمر افندي نموذجاً.


* نحن في حاجة إلى إعادة النظر في موارد دخلنا القومي وأولوياته، فالسياحة على سبيل المثل لا ذكر لها في بنود الموارد بموازنة الدولة ولا يستفيد منها بشكل مباشر إلا جهتان شركات السياحة التي يحصل أغلبها على إعفاءات ضريبية يسهل تجديدها، والجهة الثانية صندوق من الصناديق الخاصة تابع لهيئة الآثار ويشرف عليها زاهي حواس، ويخصص منه للدولة نسبة 5% فقط، ولا تُدفع!


* نحن في حاجة إلى ترشيد استهلاكنا والتخلي عن السفه في الإنفاق الذي ظهر في حياتنا في مختلف المناسبات، التي منها إنفاقنا في شهر رمضان المبارك الذي نكاد نحوله من شهر للعبادة والتبتل إلى شهر للإنفاق والعزومات والمصاريف التي لا لزوم لها.


* ومن دلائل حاجتنا إلى ترشيد الاستهلاك أن المخلفات الصلبة للمصريين تعتبر من أغلى المخلفات الصلبة في العالم، حيث تصل قيمتها السوقية إلى 5 آلاف جنيه للطن الواحد، مما يستدعي انتباهنا ليس فقط إلى ترشيد الاستهلاك وإنما أيضاً إلى حاجتنا إلى مشروعات إعادة تدوير المخلفات التي تتشدق بها الدول الصناعية حفاظاً على البيئة، ونحن في حاجة إليها حفاظاً على اقتصادنا وموارنا.


* نحن في حاجة إلى اللامركزية ودمقرطة الحكم المحلي سبيلاً لإحياء وتدعيم المشروعات الصغيرة، ومشروعات الأسر المنتجة، وبنوك الفقراء التي نجحت في الخارج وحصل مبتكرها البنغالي على جائزة نوبل للسلام ورفضها النظام السابق لأن كان مشغولاً بنهب الثروات لا بأحوال الفقراء.


وفي هذا السياق فقد كان من الأجدر أن تكون حركة المحافظين الأخيرة بالانتخاب، حتى تكون شرعيتهم مستمدة من الداخل الجماهيري، وبالتالي يكونوا أكثر حرصاً على الأحوال المعيشية لأبناء المحافظة ولتخفيف العبء عن كاهل المجلس العسكري والحكومة، بدلا من أن تأتي حركة المحافظين وليس لها من رائحة الثورة نصيب.


* نحن في حاجة إلى استثمار وتشغيل الفئات المهمشة وذات البيئات الخاصة في مجتمعاتنا، مثل بدو سيناء والواحات ومطروح، الذين لديهم إمكانيات اقتصادية زراعية وثروات حيوانية من بيئاتهم الصحراوية، (مثل زراعة وصناعات النخيل وتربية الأغنام والإبل) لو أحسن استثمارها يمكننا تحقيق أمن غذائي، بل توفير رصيد كبير من العملات الصعبة يُهدر في الاستيراد.


يحكي في هذا الصدد أحد صيادي بحيرة البردويل عن ذكريات الاحتلال الصهيوني لسيناء وكيف كان الإسرائيليون يستثمرون هذه البحيرة المصرية، المشهورة بأنواع سمك عديدة أشهرها الدنيس والقاروص، في توفير المزيد من العملات الصعبة لإسرائيل، حيث قاموا بتوزيع لنشات سريعة على الصيادين، وكان يتم يوماً شراء الأسماك منهم وتسديد مستحقاتهم بشكل فوري، ثم تصدير الأسماك من الموقع إلى الدولة المستوردة مباشرة عبر النقل الجوي.


في حين عندما رجعت "سيناء كاملة لينا" كان أول ما فعله ضابط الشرطة المصري هو سحب المواتير من جميع لنشات الصيادين ليكون هو الوحيد المزود بلنش سريع، وبالتالي تتعرض الأسماك للتلف بسبب طول الفترة الزمنية للصيد بمركب بطيء، وبعد الوصول للشاطئ يسلم الصياد ما تبقى من حصيلة صيده لمندوب الوزارة ويأخذ بمستحقاته إيصالاً!


* نحن في حاجة إلى تغيير سياسة جذب الاستثمارات بحيث يتم تشجيع المستمر الأجنبي على الاهتمام بالاستثمارات المباشرة (الزراعة والصناعة والخدمات)، أكثر من غير المباشرة مثل شرائه أسهماً في البورصة لشركات وبنوك، لأن الاستثمار المباشر يدر دخلاً مباشراً في الاقتصاد الوطني ويساعد على رفع دخل المواطن على الأقل عن طريق توفير فرص العمل من المشروعات الجديدة، أما الاستثمار الأجنبي غير المباشر فلا يستفيد منه عادة كما يقول الخبراء إلا المستثمر الأجنبي نفسه، إضافة إلى خبراء البورصة المصرية التي كان يحتكرها رجال أعمال لجنة السياسات.


* نحن لا يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء أو في الحبوب الزراعية على الأقل، بدون التكامل الاقتصادي مع الدول الشقيقة والصديقة، فلابد أن تعود مصر والسودان (حتة واحدة) كما في التعبير الشائع، ولابد أن تعود علاقاتنا الإستراتيجية مع دول منابع النيل كما كانت منذ آلاف السنين، رغم سحابة الصيف التي أظلته طوال ثلاثين عاماً مضت.


* نحن نرجو أن يتم الله الثورة الليبية على الخير للشعب الليبي ليتم الإعلان عن تكامل اقتصادي بين مصر والسودان وليبيا وتونس، على أن تنضم إليه الدولة الفلسطينية الوليدة بعد ذلك، وسائر الدول العربية، بدلاً من البحث تجمعات إقليمية لا تتوافق مع احتياجات الشعوب العربية ولقواعد الجغرافيا.

* وبعد أن يتحقق الاكتفاء الذاتي عبر الوحدة الاقتصادية، يمكننا بعد ذلك الحديث عن جعل رسوم قناة السويس بالجنيه المصري، حيث لا نكون وقتها بنفس حاجتنا اليوم للعملة الصعبة، وبهذا القرار الأخيرة سترتفع قيمة الجنيه المصري ليكون مساوياً لأكثر من دولار واحد، كما كان قبل العام 1981!


* نحن في حاجة إلى ما يمكن تسميته باقتصاد الثورة، على غرار اقتصاد الحرب، تكون فيها للدولة (المجلس العسكري والحكومة) ولمؤسسات المجتمع المدني الدور الأكبر في توجيه مقدرات الشعب المصري العظيم نحو تحقيق العدالة الاجتماعية والرفاهية، بدلاً من انشغال النخبة بتقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية، في حين البلد يتهددها مخاطرة أزمة اقتصادية وفتن طائفية.


بسيوني قمصان



ليست هناك تعليقات: